عبد عابدي
عاماً 30 عام على هبة يوم الأرض المجيد وذكرى مرور 32
تمر علينا في هذه الايام ذكرى مرورعلى اقامة النصب التذكاري لشهداء يوم الأرض في سخنين. لم تكن ظروف تلك الفترة هينة ومتيحة لاقامة اول نصب تذكاري في المشهد الفلسطيني ما قبل النكبة وبعدها، في ظروف قيام دولة اسرائيل، يخلَّد شهداؤها ويسجل فيها الذاكرة المأساوية المعاشة للشعب الفلسطيني الباقي على ارضه. لم يكن سهلاً تحدي السلطة باذرعتها المختلفة (الشاباك ولجان التنظيم والتراخيص اللازمة)، ولم يكن للسهولة بمكان ان يقام النصب في أرض ما.. عدا المقبرة الاسلامية القديمة في قرية سخنين قبل ان تصبح مدينة.
ان سواعد الرجال وتحدي الهيئات الشعبية (لجان الدفاع عن الأرض في محور القرى الثلاث) وتعاطف وتضامن الاوساط العقلانية اليهودية، الرسام غرشون كنيسبل، الكاتب يهوشوع سوبول الصحفي اوري افنيري والقادة الشيوعيون ماير فلنر ورفاقه و الحزب الشيوعي، ساهمت في تحقيق واقامة هذا الصرح الضخم وهو الشاهد المرئي الاول مضافا لشواهد ونصب المآذن وابراج الكنائس في الجليل والمثلث ومدن الساحل كانت بالنسبة لي التجربة العملية الأولى في وضع التخطيط والتنفيذ لهذا العمل الفني بعد رجوعي من الدراسة الاكاديمية في مدينة درسدن بالمانيا (الشرقية) تخصص جداريات وغرافيكا، ساهمت هذه الدراسة كما هي مساهمة زميلي الفنان كنيسبل وهو من أصول ألمانية تحقيق هذا الانجاز
الضخم في تلك الفترة التي لم تكن سهل
كنت أصبو آنذاك ومن خلال هبة يوم الأرض وقبلها في دراستي ان يمثل الصرح المنتصب ذكرى الحاضر والمستقبل وان تُرفع يد الظلم والاضطهاد بحق جماهيرنا – الأقلية القومية لتعيش كريمة في 2000في وطن ليس لنا سواه. هناك انصاب اخرى غرست في نهاية القرن الماضي (في العام
كفركنا وكفرمندا وشفاعمرو وكفرقاسم والناصرة وعرابة وأم الفحم وفي سخنين كذلك كنت أنا وغيري من النحاتين والمصممين الشباب قد نفذناها، بقيت في فحواها المعاناة وبقيت فيها الروح
والعزيمة والاصرار البقاء وثم البقاء
كتبت في مقدمة البوم “قصة النصب التذكاري” الذي صدر في ٤٠٠ نسخة مرقمة ١٩٧٨
: “قد يكون هذا النصب الذي أقمناه في سخنين هو الشهادة والقسم لانتماءنا الابدي لهذه الأرض التي
استصرخت ابناءها للدفاع عن امهم الأرض”. ان ما أتَمناه ان نعي في حرصنا على ما أنجزناه وأنجزه غيرنا من المبدعين صيانة هذه الأعمال
وجعلها رمزاً حضارياً وصرحاً شاهداً لهذا الانتماء الأبدي لهذه الأرض.
6.2.2008حيفا