
بقلم : عيد عابدي
من الظواهر الجديدة التي تطل على عالم الموضة » في سنوات السبعين ، « موديلات » ما تلبث أن تظهر لايام ، وان طالت فلاشهر وان
طالت وطالت فقد تعيش لبضع سنوات ، ومن ثم تختفى في اندحار محزن في بازارات ( الآلت – زاخين » مقلوبة على مارها .
وهناك ظواهر غريبة وعجيبة ، لا تظهر مباشرة في أسواق الموديلات بل في متاحف ومعارض نيويورك وباريس وأمستردام وهي التي يسمونها
اتجاهات جديدة في عالم فن الرسم ، التي تأخذ من هذه الاماكن منطلقا لها في التسرب الى ما وراء البحار مستقرة في البلاد التي تسمى نفسها بالعالم
الحر » بما فيها اسرائيل طبعا .وقد دعتنى تلك الاتجاهات الفنية والحديثة لكى القى عليها نظرة عابرة ، ليس في سبيل التشهير بل التوضيح ، على اعتبار انني أصبحت قديما » في نظر المجددين .
لبوب آرت » – الاتجاه غير الشعبي *
بوب » هذه الكلمة التي اطلقت عفويا على احدى لوحات رسام أمريكي يعيش في لندن ( أوحت » لناقد الفن الواى » أن يطلقها اصطلاحا على اسلوب البوب – آرت»أو الفن الشعبي أو بالاحرى الفن السيء الى ذوق الجماهير هذا الاتجاه الباحث في عبث الاطفال ومرض الكبار المتسمة
تصرفاتهم ب « الصبيانية » الخطرة ، المتمثلة في ذوق البرجوازية المريضة . وفي حديث لجريدة « فرانكفورتر الغمينة » قال أحد مؤسسى حركة ( الدادا ) وهي الحركة التي ولدت في فترة ما بين الحربين الكبريين ( أنها الصرخة الاخيرة لهؤلاء الناس الذين اصبح المفعول الاغنية الغاضبة
والصارخة لديهم نغما ليس في مجال الموسيقى ، بل في مجال الفنون التشكيلية أيضا » .
اقترح عليك لوحة اصليه – للرسام الخالد رفائيل
عن دير شبيغل » – الالمانية )
….
ان من الشارع أو من فضلات مزابل الصناعة الأمريكية ، ان صح التعبير ، تعبر عنه تعبيرا صادقا تلك الفضلات من كمامات الغاز المبعثرة في حقول الأرز في فيتنام . وسدادات « البيبسي – كولا » الصدئة وان كانت فترة التجريدية قد نشأت في قلب فرنسا ، فقد. انتقلت الى البيت التي منه جاءت الى قلب صناعة المعلبات والكولا وسجائر ( الكينت » اللذيذة الى «ام الدنيا» أمريكا في قالب امريكي خالص . وقد روج السيد سيدنی یانسی و هو صاحب معرض فى نيويورك « لبضاعة » « البوب – آرت » حيث افتتح معرض ( الواقعية الجديدة » المتمثلة في أعمال بعض المتحمسين لهذا النوع ، الذين ما لبثوا أن اشتهروا ، عودوا الى البيت أيها الاحباء ان الرسام ارمان وبيعت أعمالهم بمبالغ خيالية ، وكان وصف مجلة « نيويورك
تايمس » مؤثرا وفى غاية من الحماس . وقد جاء في هذا الوصف ( أن رجال الاعمال والفكر انبهروا بما رأوه في هذا المد الجديد فى صور الفنانين ، فأنت ترى قماش اللوحة الكبيرة البيضاء يتوسطها معول كبير وفي الاخرى صندوقا مرتفع معبئا بالبرتقال العفن ،وكذلك ترى عرضا لملابس قذرة متدلية ، وأنابيب مياه متعرجة ، وزجاجات ( الكوكاكولا ) في زوايا مختلفة ، وفي أحسن الحالات كنت ترى الكومبينيزونات النسائية المزركشة
متماسكة فى لوحات الاقمشة الفنية وهذه التي نسميها لوحات تباع عند السيد « سيدني یانسي » بأسعار تتراوح بين ۲۵۰۰ و ٧٥۰۰ دولار من أعمال
جيمس روسين كويست وجيمس هذا أبدع لوحة كبيرة على ارتفاع يقارب ارتفاع أكواخ اللاجئين وطولها يساوى ارتفاع ثلاثة أو أربعة
منها . وقد أسماها ( ج – ۱۱۱ ) على اسم صاروخ أمريكي هو أطول بمترين فقط من اللوحة ! . وقد بيعت هذه اللوحة بمبلغ ٦٠،٠٠٠ دولار … و يا بلاش !!
خبز … ولهو و الفن الشعبي » *
الفن يجب أن يعبر عن حياة الجماهير ، وان يعكس القيم الخلاقة عند الجماهير الواسعة . هكذا ترى الواقعية في مجالات الفنون الابداعية المختلفة . فكيف يرى اصحاب الاحتكارات الكبيرة في الدولة ( الديمقراطية » كأمريكا مثلا؟
يقول الناقد الأمريكي فانسي باكرود أحد الاختصاصيين في موضوع المجتمع الامريكي الحديث حول هذا الموضوع :ان المواد الاستهلاكية أصبح لها طابع شعائري من حيث التكيف الحياتي . فالسيارة الكبيرة الفخمة ، والبيت الجميل ، والتلذذ باستهلاك المواد الفاخرة أعطت مدلولا عن وضع
اجتماعی ذی اتجاه مثالي . فاذا أصبح الترويج لسجائر كينت » و « مارلبورو » مثال اللذة والاستمتاع فكيف لا تخلق هذه الظروف رواجا لفنون القبح في اتجاهات البوب آرت » ؟
وكيف لا وقد أصبح القرف مثالا شعائريا لاصحاب كرسي … في حمام ، مكان للايحاء – للرسام توم فيسلمان النفوذ في ماكنة الحياة البرجوازية الفائضة ؟
وكيف لا يصبح هذا الاتجاه ( فن الشعب » ، وفنون الشعوب الأخرى ولسان حالهم يقول : ( يا فناني العالم
الحر اتحدوا ! »
حتى تكون صديقا للولايات المتحدة عليك أن تستقبل « برضا » شكل الحياة الأمريكية . وحتى ان لم تشعر بهذا فانت ، شنت أو لم تشا ،
مرتبط ارتباطا وثيقا ، وحتى العظم ، بالبضاعة المستوردة ، ويضمنها مجلات البلای بوی » لتسلية الجنود هكذا يقول « رجل الشارع
الأمريكي » لصديقه الاجنبي ، وعلى هذه الاقوال ليس ثمة شك في صحتها ..فاذا كانت الحياة الاسرائيلية المحافظة نوعا ما » في أيام « الطلائعيين الأوائل فقد سقطت ورقة التوت مع هبوب النسيم في أوائل خريف ، ومع كل زيادة في مشاهدة فيلم أو تدخين علبة جديدة من سجائر ( مارلبورو » .
ووصل من ( البوب – آرت » حتى شاطيء تل أبيب بشكل رؤوس شبه آدمية وعددها ٥٠٠٠٠ رأس مزروعة على شاطيء البحر وهي من تصميم
الفنان الاسرائيلي اسحق شموئیلی .وكذلك اختراعات الفرقة البلجيكية التي تسمى نفسها ( ماس مونينغ »وزارت البلاد قبل عامين وحلت
ضيفة على نقابة الرسامين والنحاتين كانت أدوات التعبير لديها عبارة عن مضخة تخرج مادة من البلاستيك شبيهة « بالسبرى » ( الرشاش الذي
خرج بطريقة الضغط ) الجامد ليتراخي على أجسام الادميين بشكل عفوي ليترك الانطباع في المشاهدين ليتخيلوا الايحاء الفنى من كل موقف من مواقف العرض .
الموقف من القبح *
رسم الوجه الجميل مسألة خاصة، لكن تعمد رسم الوجه جميلا مسألة اخرى بالمرة … هذا ما يقوله المفكر الروسي شرنشينسكي ماذا يعنى هذا بالنسبة للموقف ، الموقف من المتغيرات الجمالية وظواهر القبح المتعمد في اسلوب ( الطلائعيين ) المودرن » ؟ وما الذي يعنيه قول شرنشیفسکی ؟
الفكر البرجوازي بطبيعته لا يمكن أن يعطى حلا منصفا للقضايا الاجتماعية ، بل على العكس من ذلك يستطيع أن يظهر ( الدنيا حلوة » كما
في الافلام الأمريكية ويؤكد على الشخصية المثالية في صورة الرجل الابيض وتفوقه الحضاري ، في مسألة العلاقات بين البيض والسود في أمريكا في فترة الخمسينات . وهكذا تصيب كلمات شرنیشفسکی الكثير من المسائل الجمالية في قضايا القبح والجمال . والفن البرجوازي ينظر الى مسالة القبح على انه آفة اجتماعية عند طبقات مقهورة . وهي نظرية قائمة في نظريات التفوق والاستعلاء الطبقي والقومي بينما يتمثل مضمون الفن المواقعي في النظرة الى الانسان في القوى الهائلة والخلاقة في الإبداع الذي يمثلها . وكذلك في المنطلق الهادف نحو الاحسن والاجمل وفى رؤية المتناقضات
التي أورثها فكر الطبقات التي استبدت قرونا بعد قرون .
