
شهدت الحضارة الانسانية – مراحل متفاوتة من الرقى والازدهار ، كان لها أبعاد نهضوية تركت آثارها على مدارس وأساليب تلتها ، ولكن مراحل النهضة التي ولدت وترعرعت في ايطاليا ، سجلت ابدع المآثر الفنية و أروعها ، وكانت بذلك أول نهضة شهدها العالم وهي ما زالت تؤثر فيه في انطلاقته نحو المرقي والتقدم حتى اليوم .قال فريدريك انجلس عن عصر النهضة ( الرينيسانس ) :كان اكبر تحول تقدمي عرفته الانسانية اليوم ، تلك الفترة الهائلة المعبأة بقوة المفكر والحركة المتنوعة في صفائها ، وهؤلاء الرجال الفين وضعوا أسس بناء مجتمع برجوازي لم يكونوا ذوى مفاهيم برجوازية محددة ، بل كانوا ذوى نظرة شاملة في الممارسة الفكرية والعملية .وفي هذا المقال نورد ما يقوله الفنان الشاعر والنحات الخالد ميخائيل أنجلو عن الفن والممارسة العملية في فترة وصل فيها الفن التصويري قمة المجد والخلود :ميخائيل أنجلو ١٤٧٥ – ١٥٦٤
كلما أفكر ، ويطول بي التفكير ، يخيل لي أنه لا يوجد على الأرض سوى شيء واحد : العلم والفن التصويري و أعني به الرسم والتخطيط .
وعندما تقيم بحق ما نعمله وما نصنعه في عالمنا هذا فلسوف نجد أن كل واحد منا دون سابق معرفة صانع فنان وذلك من خلال إبداعه الأشكال والتخطيط ، وفي تحسين الفراغ الذي يعيش فيه بما فيه من أبنية وشرفات ، وفي صنعه اللباس الذي تتجلى فيه البراعة والذوق عمل .
وقد نجد الملامح التصويرية في شقوق الأرض المزروعة وفي أتلامها الطويلة ، وفي ركوب البحار ، وتيه الزورق الشراعي ، وفي الحروب والمعارك ، وأخيرا في شكل الموت وساعة الدفن . باستطاعتي أن أحصي المواضيع والحرف التي تتوفر فيها العناصر الفنية ، فأجدها جميعا في جودة واحدة ومن نفس المصدر : النحت والهندسة هما النهر الكبير ،وفي الحرفة اجد الجدول الصغير ، وفى ثالثة قد نجد العمل المنتهي مثل المياه
الراكدة التي لا تتحرك وكقصاصة المقص ، ولكن المصدر واحد وهو الينبوع الذي تدفقت مياهه عبـــــــر العصور الغابرة واشتدت قوة فيضانه ، ويذكر بتلك الوحدة الفنية التي نراها في اعمال الرومان وتتجسد في البناء والحدائق الملونة ( المرسومة ) وفي ترصيع المعادن والحلي وأدوات الخزف ، والملابس الجميلة والادوات الحربية وفي حلبات المبارزة والاعمال الاخرى .ويمكن القول ببساطة انه في تلك المرحلة وفي كل مرحلة
كان الرسم الباعث الاساسي في كل ما يحصي الابداع والبعث العلمي والصياغة الكتابية عند الاديب ومسجل التاريخ .ومن ينظر بنضوج ووعي
يخرج بنتيجة هي ان العمل الانساني في نواحيه المتعددة انما هو عمل مبدع وقد يكون عملا تصویریا او يكاد .وفقط في مقدور الفنان الحقيقي أن يكتشف ما لم يتم اكتشافه بعد ، وفي مقدوره ان يبدع باتقان ومهارة ، غير انه ليس في وسع كل انسان أن يكون فنانا تصويريا » .( عن الطبعة الالمانية : انا ميخائيل انجلو رسائل ومقالات )
