
في القسم السابق من المقال جاء أن الصورة النسائية تركزت في الرؤية المثالية للفكر نـالديني ، غير ان هذا الوضع ، ونتيجة للأوضاع الاجتماعية
والمركبات الأخرى المرتبطة بالنزاعات والحروب الاهلية ،والحملات الصليبية عكست آثارها على الفن بشكل واضح وملموس وتجلت اللمسات الجمالية في اعمال النحاتين وفي بلاد متفاوتة التطور من غرب أوروبا ، عندما بدات صورة المرأة تأخذ مقاييس طبيعية (مقاييس المرأة في السوق والمعارك والمنزل .ومن هذا نصل الى استنتاج هو ان وضع المرأة مرتبط ارتباطا وثيقا بالانتعاش الاجتماعي اذ عندما انتهت الفترة الرومانية تلتها مرحلة نمو الاقطاع وبناء المدن والتناقض بين الفئات الاجتماعية ، لنشوء التجارة . التي نشطت في الدويلات الصغيرة وحركة صفار الحرفيين ، والاتصال التجاري بين الشرق والغرب ، الامر الذي ساعد على انتقال الحضارات والعادات التي لم تكن مألوفة من قبل ( كما أحدثت الحروب الصليبية ) .وساعدت هذه العوامل على توسيع شقة الخلاف بين تلك الفئات والاقطاع ، اسفرت عنها صدامات دامية ونتجت عنها دويلات مركزية .
ويصف م. الباتوف في كتابه تاريخ الفن » التماثيل النسائية في كنيسة رايمس بقوله : تمثال العذراء أحد الأمثلة الرائعة في الإبداع القوطي. إذ نجح فنان ذلك العصر في نقل النماذج اليونانية في التقييم الجمالي للمرأة، ووفق بين الأحاسيس والمفاهيم القوطية .
كما توفق في نقل صورة القديسين من مجرد وضع يقصد منه العرض ، الى جمال هادىء ذي احجام متناسقة وقى ايقاعات حددت اعضاء
الجسم بتناسق منصف واذا توفرت المميزات في عرض التماثيل القوطية .فذلك راجع الى اسلوب ذلك العصر واستنتاجاته في ايجاد
السبل التي ولدت ولم تكن الكلاسكين معروفة في الازمنة الكلاسيكية .الازياء النسائية في الفن القوطي والمرحلة المبكرة من عصر
النهضة تحدثنا عن العلاقات التي نشأت وتأثيرها في انعكاس دور المرأة على الاتجاهات الفنية في
تلك الفترة . كيف تبدو المرأة اذن أمام هذه العلاقات الجديدة ؟
كانت انطاليا في تلك المرحلة حلقة الوصل في التجارة بين بلدان البحر الابيض المتوسط ،واكتسبت أهمية أخرى عندما ..
أصبحت حلقة الامتداد الى الشرق العربي .والعادات والتقاليد التي انتقلت الى اوروبا ، اثرت بشكل واضح وملموس على
العلاقات بين الرجل والمرأة ؛ والعلاقات على العموم .وبرزت المرأة مثلا للكمال وللأخلاق الدينية ، وبدا زي المرأة تكرارا ، ولكنه تمايز
وتبدل وتنوع مع التفاوت الطبقي والمكاني . فالمرأة في البندقية تختلف في زيها عن امرأة في الشمال ، فللمناخ تأثيره .تدعونا هذه الملاحظات الى
التمعن في اعمال الرسام الالماني دورر » الذي اعطى تلك الاعتبارات حقها في لوحاته ( الطبقية ) فرسم الفلاح والفلاحة الالمانيين ، مبرزا
قسوة الحياة وخشونتها في ملابس المرأة العادية الملوثة بطين الارض ، أو في سمنتها او نحول قدها ، هذا الى جانب لوحاته المستوحاة من المدرسة
البندقية ( نسبة الى مدينة البندقية ) حيث تبدو المرأة في غاية الاناقة في ثوبها المزخرف الفضفاض وضع « دورر » افكاره الجمالية أساسا قويا وساطعا في تقرير دور الجمال بالنسبة للمدارس الفنية التي جاءت بعده
