مات في باريس فيتوريو دى سيكا الممثل والمخرج الايطالي الشهير عن عمر يناهز الثالثة والسبعين . بدا دي سيكا حياته راقصا ومغنى أوبريت . في ۹۲۸
دخل عالم السينما فاشترك فى العديد من الافلام المرحة ،فجعلت منه ممثلا يحبه المشاهدون ، وذاعت شهرته وفي خلال فترة الحكم الفاشى فى ايطاليا ، قام دي سيكا باخراج العديد من أفلام الأطفال التي تمتاز بالبساطة والمرح وبقى يعمل في هذه الافلام حتى ۱۹۴۸ ، وعاش في أفلامه هذه مأساة ايطاليا ، ولا سيما بعد الحرب العالمية الثانية ، وأبرز ما عرفته ايطاليا من ويلات ودمار ، وما عاناه العامل الايطالي من بؤس ، وما عكسته الحرب على المجتمع الايطالي وأهل الفن فيه ولا سيما العاملين فى حقل السينما الذين وجهوا جهودهم لانتاج أفلام واقعية معبرة .
وكان الفنان الراحل أحد الذين توجوا السينما الإيطالية وأغنوها بأفلامهم ذات الطابع الانساني ، ومنها « العاطلون عن العمل » الذي بلغ به ذروة الابداع وفاز بجائزة «الأوسكار » نظرا لما يحمله من عمل بارع وتوجه واقعی جدید .وفي أوائل الخمسينات اخرج ) أعجوبة ميلانو » ،
سارقو الدراجات » وغيرهما ، وكلها امتازت بروحها الانسانية العاطفية . كما أخرج للكاتب الفرنسي جان بول سارتر قصة ( الابواب المغلقة » . أخرج في سنة ١٩٧١
حديقة فينسى كونتينا » . أما آخر اعماله فهو « السفر الى باليرمو » .ومن المعروف عنه انه عارض الفكرة التي تقول بأن ما .يميز عمله من واقعية جديدة ما هو إلا تيار واسلوب فني ، فقد بين دى سيكا وهو يرفض ذلك ان العمل الابداعي ليس مجرد عرض للواقع وحسب ، انما الهدف والنتيجة التي يتوخاها الفنان لتحريك الضمائر ، واعطاء البعد الفكرى ليستخلص المشاهدون الفكرة من خلال العمل .أما عن فيلمه ( مساحو الاحذية » فيقول دي سيكا : كان تجاوبى الاول والبسيط هو ضد الحرب التي خسرناها تلك الحرب التي لم تكن بارادتنا . لقد كان مساحو الاحذية »اول فيلم بعد ما استعدت حريتي في الاختيار ، الأمر الذي كان من باب المستحيل في العهد الفاشي . وقول الحقيقة أصبح ضرورة لاجل اعادة بناء بلادنا المدمرة
لقد قضت هذه الحرب على نفسية أطفالنا ، فأصبحوا الصوصا في جو الفقر والشقاء ، والاطفال ( أبطال » « مساحو الاحذية » قاموا بالسرقة بدافع حلم شاعري للحصول على فرس .. وهذا المزج بين الشاعرية والواقعية يتخذ شكلا حقيقيا في التحدث الى قلب المشاهد ، لاننا بحاجة الى تلك
المشاعر بدافع الاخلاقية والرجوع الى مثل تكون فيها لذة في حب الحياة والعلاقات الانسانية التي تربطنا بالغير » .
وكان دي سيكا يطلق على الفترة الواقعية الجديدة في حياته الفنية : ( السنوات الجميلة في حياتي » فلقد كانت المنطلق في عمله الإبداعى الذى شاركه فيه أحد المجيدين في الاسلوب الواقعي وهو زابيتينى الذى له دوره في نقل السينما الايطالية من فترة اعترى الصناعة والاقتصاد في ايطاليا ركود
الى مرحلة انتعاش دينامي …الى مرحلة انتقام دینامی والاثنان ، دي سيكا وزابيتيني وجدا مواضيع افلامهما في الشارع بين الناس ، فكانا يختاران مواضيع انسانية بسيطة توحى اليهما بالفكرة . هكذا فعلا لدى اخراج سارقو الدراجات » و « مساحو الاحذية » و « اعجوبة ميلانو » ،فنجحا في ايجاد المنطلق الفنى السليم الذي انجب مرحلة انسانية ذات ضمير في عالم السينما ، فهما كفرا بالجوهر ورفضا المقاييس الجاهزة فى صناعة الافلام المزدهرة ، فالحياة ، كما يقول دي سيكا ، « بشكلها المنوالى ليست مملة ــ انهـــــــــا مغامرة انسانية ملذة ، وقابلة للتعبير ، ونابعة من الواقع الذي
نحياه دون اللجوء الى الدراماتيكية المتكلفة »
مات دي سيكا المغني والسينمائي الذي أغنى السينما بأشرطة رائعة خالدة . وهو بموته يترك فراغا في مضمار الافلام ، يحس به جمهور المعجبين بأعماله
אל-איתיחאד – الإتحاد, 22 נובמבר 1974
