
أفتتح يوم السبت الماضي
في دار العجزة في الناصرة معرض رسم اشترك فيه ٢٥
من أبناء الناصرة ، منهم من سبق وعرض رسومه في معارض سابقة ، ومنهم من يعرض أعماله لاول مرة . واللوحات المعروضة متفاوتة –
من حيث الموضوع والتوجه ، وهي متفاوتة أيضا من حيث ما تعكسه مما يدور في عالم كل من العارضين والملم بتطور الفنون الابداعية –
يستطيع أن يميز الاطوار التي تركتها التقاليد الفنية على الكوادر الجديدة التي تمارس هذا الفن أو ذاك ، ولقد تركت لدي انطباعا عاما عن الممارسة –
الفنية عند المهتمين بأنواع الآداب والفنون ، فوجدت ان التطور واحد من حيث التعبير الشعوري عن الاجواء المحيطة والعالم الخاص المميز الطريقة
الاداء ومستوى التعبير . ان المعرض الاول للرسامين والذي ضم ربع مئة من عشاق الفن التصويري لم يخرجوا عن القاعدة العامة ، من حيث
البدء ، لكنهم تخطوها بالالتزام العفوي والارتباط الموضوعي بهذا العالم المحيط الذي نسميه قضيتهم وتقاليدهم ، ماضيهم وحاضرهم
هذا ما توحي به الارتسامات الأولى والانطباعات التي تركها المعرض في نفوس الرسامين المحترفين الذين شهدوا حفلة الافتتاح .
ولا بد من ابداء الملاحظات ففيها ما يعود على الرسامين من أبناء الناصرة بالمنفعة وفي حديثي مع شابة تعزف على احدى الآلات الموسيقية ،
وسألتني عن رأيي قلت : يميل الموهوب غالبا الى التعبير الحسي والرومانسي في كل بادرة فنية ، أدبية أو فنية .
هذا بالإضافة الى المحاولة المستمرة للتنقل بين المدارس والاساليب المختلفة ، للامساك بطرف الخيط ، حتى يضع الرسام لنفسه هويته الفنية
ويبلور الخاتم الذي يقول فيه : أنا
لعل الوضع يكون أسلم لو
أن العارضين في توجههم الاول وعرضهم الواسع تجنبوا هذا اللون من الصور التي استوحوها من طاحونة الهواء العتيقة ، وجداول المياه وردية
اللون ، وجبال أوروبا المكسوة بالثلوج ناصعة البياض ، واطباق الفاكهة المستوردة ، التي كانت لفترة معينة تميز الرسوم الهولندية والرسوم
الاوروبية الاخرى ، هذا الكيتش» الذي يغرق أسواقنا ويسميه البعض ( عنيدا » و تضج به جدران منازلنا لوحات فنية .
ويضاف الى هذه الملاحظات
العابرة دوافع موضوعية نأخذها بعين الاعتبار هي :
۱ – عدم وجود التقاليد
الفنية في بلادنا
٢ – الانقطاع عن العالم الخارجي ، وعدم تتبع الحركات الفنية .
تأثير الاوضاع المحلية على الرسامين وتذوقهم الفنون التشكيلية
٤ – مسؤولية السلطات عن ابقائنا على ما كنا عليه ، وعدم توفيرها الامكانات الأولية التطوير مواهب الفنانين وعلى الرغم من كل ما سبق ، فقد لمست بوادر طيبة اتسمت بسمة البحث عن الهوية المحلية ، وبالمواضيع الاجتماعية التي عبرت بصور عديدة عن معاناة داخلية انتقلت من الاداء الرومانسي والحسي الى ايقاع مصحوب بالحركة في الشكل والمضمون . حبذا لو كانت هذه البداية مبلورة على نفس الشكل الذي رأيناه في أعمال السيد حنا مسمار ، من المنحوتات الخزفية والتي يعود تاريخها فلقين الى سنة ١٩٤٦
وجدت فيها أول الخيط الذي نبحث عنه ، في بناء الحركة التشكيلية المحلية ان الواجب الملقى على عاتق كادرنا المثقف أن يمد يد العون والتشجيع لكل بادرة فنية .وان يكون على صلة مستمرة مع الفنان التشكيلي الذي يشكل بالنسبة الينا ظاهرة مهمة الى جانب الكلمة . والاغنية .. وهي مهمة ايضا
في بلورة حياتنا الثقافية التي تجسم كياننا وتاريخنا وحضارتنا وأخيرا وليس آخرا ، لا بد من الاشادة بمجهود « المسرح الحديث » الذي بادر الى هذا
العرض ، والى جميع من ساعدوا على انجاحه في جمع الاعمال الفنية وعرضها وتعريف الفنانين على الجمهور الواسع .
