زهرة عابدي ترقد بسلام في مدينة حيفا

زهرة عابدي ترقد بسلام في مدينة حيفا وتلحق بالأخت التي بقيت في سوريا مخيم اليرموك

اليكم صورة طفولة: وهي صورة ولد يمسك بيد أمه ويقف إلى جانبيهما أخواته وإخوته الاربعة. والمكان: لاجئين فلسطينيين في سوريا. والسنة: 1950. فإلى هنا فرّت عائلة عابدي من بيتها في حيفا بعد ان سقطت هذه في يد عصابات الهاغاناة. وإليكم صورة اخرى أكثر تأخراً : وهي صورة أبناء العائلة جميعا الذين شاخوا منذ ذلك الحين حول أختهم لطفية، وهي عجوز تتوكأ على عكاز في نقاب ابيض. وقد صورت هذه الصورة قبل بضع سنوات في عمان في واحد من اللقاءات النادرة لأبناء العائلة التي مُزقت الحب وحدتها. آنئذ أتاحت لهم إسرائيل العودة إلى بلدهم عام 1951 (لم شمل)، لكن حُكم على لطفية ان تبقى لاجئة في مخيم اليرموك قرب دمشق مقطوعة ما بقي من عمرها عن وطنها ومدينتها ومناظر طفولتها واخوتها وأخواتها

والآن ومع نتائج الحرب الفظيعة في سورية، وقد أصبحت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين هدفاً، لم يكن أمام أبناء العائلة في حيفا من عملٍ ملموس على مصير أختهم العجوز، التي توفيت بعد نكبتها الثانية في مخيم اليرموك يوم 20 حزيران/يونيو 2020. حيث لم يكن هناك من سبيل البتة لانقاذها ونقلها إلى مكان آمن في بلدها.

اللاجئة الفلسطينية لطفية قاسم عابدي، شقيقة عبد عابدي وهو فنان حيفاوي فلسطيني نال جوائز، وهو العزيز على مدينة حيفا. ولم يستطع عمل أي شيء عملي لانقاذ أخته. انه يقول ان نضاله ليس شخصيا بل هو قومي لكن مصير أخته يقلقه جدا قبل وفاتها. وان حقيقة ان مواطن الدولة لا يستطيع ان ينقذ أخته التي تتعرض حياتها للخطر وان يأتي بها إلى وطنها لأنها عربية غير يهودية فقط، تثير افكارا صعبة

كان عبد عابدي يدأب هذا الاسبوع ايضاً في الاستوديو الخاص به في واحد من الاعمال سيُعرض في المعرض وفي مركزه صورة ستوديو بالاسود والابيض للطفية من سنة 1967 في دمشق، ويحيط كيس خيش بالصورة. ان أكياس الخيش تؤدي دوراً هاماً في اعمال عبد عابدي: فهي تُذكره بصورتها ورائحتها لصفوف طفولته أمام أكياش اغاثة منظمة الغوث الدولية في مخيم اللاجئين في دمشق. وكان مصير عابدي حسنا فعاش ثلاث سنوات فقط لاجئاً، أما لطفية فهي لاجئة منذ 1948 وقد اضطرت في الفترة الاخيرة ايضا إلى الفرار من بيتها في المخيم بسبب فظائع الحرب والى ان تختبيء في شقة ابنتها في دمشق. وهي تتحدث من هناك بين الفينة والاخرى بالهاتف مع أخواتها في حيفا. وقد ساءت حالتها الصحية في الفترة الاخيرة الى حين وفاتها مؤخراً رحمها الله. ومع بدايات العام الجديد 2021، توفيت في مدينة حيفا، وفي وادي النسناس شقيقتها زهرة بعد مايقارب من ستة شهور من وفاة لطفية بدمشق.

إنها صورة من دراما النكبة الفلسطينية. وتراجيديا تلك المأساة التي مازالت تتفاعل كل يوم، وستبقى كذلك الى حين عودة الوطن لأصحابه الشرعيين

source:

Let your voice be heard! Share your thoughts and ignite the conversation. Your comments matter!

المشاركات الاخيرة

من عام 1962 حتى اليوم: إطلاق مكتبة عبد عابدي الإلكترونية وأبرز المحطات الإعلامية
يوليو 16, 2025By
المبدع الفلسطيني عبد عابدي..حاملًا ربيع الفن التشكيلي
يوليو 9, 2025By
دعوة لحضور حفل افتتاح المعرض Heartache מועקה ُو َجع
يوليو 1, 2025By
إقبال على معرض الفنان الفلسطيني عبد عابدي
مايو 20, 2024By
الفنان عبد عابدي… يروي حكاية حيفا في ذكرى احتلالها
أبريل 29, 2024By
لا يوجد هناك مكان: معرض في متحف الفن الحديث في فرانكفورت
مارس 25, 2024By
دعوة: أصوات من مشروع المقابلات “الفن في الشبكات” يوم 21 مارس في الألبرتينوم
مارس 18, 2024By
أصداء البلدان الشقيقة / بيت الثقافات العالمية في برلين
فبراير 10, 2024By
“على هذه الأرض” يجمع الفنانين العرب حول فلسطين
نوفمبر 27, 2023By
البرتينوم: رومانسيات ثورية؟ تاريخ الفن العالمي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية
أكتوبر 31, 2023By

الأعمال الأخيرة

GDPR

اكتشاف المزيد من عبد عابدي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading