
يعتبر الفنان عبد عابدي من أكثر الفنانين العرب انتاجاً واغزرهم ابداعاً نظراً لكثرة عدد المعارض التي اقامها بصورة منفردة ومشتركة في الوسط العربي واليهودي وكذلك خارج البلاد. هذا اضافة الى الكم الاكبر من الخريجين من الدورات الفنية التي ينظمها في مختلف القرى والمدن العربية زد على ذلك نشاطه في نطاق نقابة الفنانين التشكيليين في حيفا والشمال حيث سعى الى زيادة عدد الفنانين العرب الذين التحقوا بالنقابة الفنية ويبلغ عددهم اليوم نحو ٢٥ فناناً. وبدأنا حديثنا مع عبد في هذه الحوارية المطولة حول نقابة الفنانين وما تشمله وتقدمه من فعاليات فأجاب : «ان النقابة ليست هدفاً بحد ذاته للفنان، ولكنه يستطيع من خلالها أن يساهم في العديد من نشاطاتها بالرغم من قلة هذه النشاطات. ولكني اشير الى العملية التنظيمية فى الموضوع، فقد كنت عضو ادارة في النقابة لعدة فترات ورأيت العمل التنظيمي عن كثب وادركت ان قضية الفنان العربي تعترضها صعوبات جمة، منها افتقارنا لصالات العرض واقامة المتاحف
وتنظيم المعارض الفنية عدا عن صعوبة تسويق اللوحة الفنية». وهنا بودي ان الفت نظر العديد من زملائي الفنانين، وخاصة الناشئين، الى نه عليهم المثابرة في العمل ومتابعة الانتاج والابداع بصورة متواصلة. وربما يظن بعضهم انه بلغ القمة الفنية بمجرد ان يسمع مدحاً او اطراء من احد على لوحة رسمها او بمجرد مشاركته في معرض فني. القضية تشجيعية صحيح، ولكن الدرب طويل والمشاق كثيرة، والتعلم من اسس النجاح التي يجب ان يأخذها الفنان عن الدورات التعليمية عبد المبتديء بعين الاعتبار. وسألنا والمعارض التي نظمها مؤخراً فقال :«لقد شاركت شخصيا في العديد من المعارض الفردية والمشتركة ولكنى اشرفت مؤخرا على تنظيم معرض الاطفال في بيت الكرمة والذي تم في نطاق شهر الثقافة العربية،
وشارك فيه اطفال من حيفا وشفاعمرو وكفر ياسيف وقد نقلنا المعرض حتى الان الى حيفا وكفرياسيف، وبعد ذلك سينتقل الى المركز الجماهيري في شفاعمرو ونحن الآن بصدد تنظيم معرض لفنانة يهودية وهي رينا برسوفسكي التي تبلغ من العمر ٨٠ عاما من كيبوتس همفراتس وسيقام في كفرياسيف تحت عنوان «بين الكهولة والطفولة» حيث سيشترك الاطفال من الفنانة العجوز. كفرياسيف بالرسم مع كما انني اهتم بتنظيم معرض للخزفيات تحت اشراف دائرة الثقافة العربية في وزارة المعارف وسيكون المعرض دوليا باشتراك عدد من الخزافين الاجانب مع خزافين محليين وما تحتويه مخازنهم وبيوتهم من ادوات واشكال خزفية قديمة وحديثة. وطرحنا سؤالا حول الرؤيا والمفهوم الفني.. الذي يحاول عبد عابدي ان يعرضه للجمهور من خلال لوحاته فاجاب :«انني في الواقع احاول ان اضع وجهه نظري كانني ارسم شخصي من خلال الشخوص المرسومة في أكثر من عمل فني، وتراني «اتكرر» في أكثر من وضع تشكيلي في
مركز اللوحة او زواياها، وذلك اسهاماً مني بتفسير مواضيع حياتية وما تحويه من بؤس وشقاء ومن حب وسعادة على شكل «ديالوج» مرئي خال من الصخب وشبيه بالمسرحية الت يتعرض بالحركات والاشارات الصامتة. فتظهر اعمالي كأنها نسيج هائل لخطوط منسابة حيناً وصاخبة حينا آخر وهي كما اصفها لطلابي كجهاز «تخطيط القلب»، الذي يظهر ردود الفعل للعالم المرئي المتواجد بداخلي. وتشمل المساحات اللونية التي تشكل عالم اللوحة الغني بتدرجات اللون الواحد، فتجد فيها زخماً صاخباً من الشخوص الادمية تستصرخ الضمير لما آل اليه حاله وما يعانيه من تعاسة الموقف وبؤس المصير، (لوحات ورسومات فترة الستينات والسبعينات وحتى البحث المتجدد عن يناعة اللون وانسياب الخطوط وليونة الموقف، كما هو الحال في اعمالي
الاخيرة المنسجمة حيناً مع حالة الفكر وحيناً مع وضع عفوي غير مسخر». وسألنا عبد عابدي عن مجال اختصاصه «الجداريات» ومدى تنفيذها في الوسط العربي فقال : ان الجداريات تعتبر احدى الفنون المنتشرة في العالم الغربي ونتجت عن الكتابات والشعارات والرسوم التي كانت تظهر على الجدران العامة في المدن الرئيسية في اوروبا، وكذلك اتخذت لها اشكالا وابعاداً متنوعة كالتصاميم المعمارية والنحوت لاحداث وشخصيات هامة، وفي هذا المجال عملت على تصميم عدد من شعارات قرانا العربية ونصبها فوق مباني المجالس المحلية في كل من الرينة ويافة الناصرة، وهناك افكار ونماذج الشعار بلدية الطيرة في المثلث والمركز الثقافي في الناصرة اضافة الى مجسمات كبيرة الحجم في نطاق كرنفال الطفولة والسلام في الناصرة لعام ۹۳ . وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى الجدارية التي صممتها الجديدة ولكن للمجلس المحلي المكر المجلس رفض متابعة تنفيذها مما
اضطرني للتوجه الى القضاء فاضطر المجلس ان يدفع غرامات مالية بلغت ١٣,٥٠٠ شيكل واني احتفظ بالعمل حتى الان. واشير اليهذا الحادث وهو الاول من نوعه حيث يتوجه فنان تشكيلي الى القضاء ليدافع عن اعماله الفنية في الوسط العربي، وهذه الاشارة تدل على التوجه والتعامل المحرج وغير الموضوعي مع الاعمال الفنية ومحاولة الاستهتار بما يقدمه الفنان من ابداع نتيجة التفكير الخاطيء والمسبق ويدل على مدى اهتمام بعض المسؤولين بالشؤون الفنية والثقافة عامة. وعلى صعيد آخر فقد اصدرت حتى الان ثلاث لوحات مطبوعة طباعة فنية رائعة وهي معروضة للجمهور للبيع شكرنا الفنان عبد عابدي وتمنينا له دوام العطاء والنتاج الفني
حيفا, نايف خوري
