بقلم: عبد عابدي
تعتبر ورشة النحت، المقامة من قبل بلدية معلوت – ترشيحا – تباعا وللمرة العاشرة، ملتقى عالميا لمجموعات النحاتين الوافدين من دول مختلفة الأوروبية فيها والأسيوية، الى جانب امریکا اللاتينية وكذلك من اسرائيل. وقد شارك بعض النحاتين العرب خلال السنوات الأخيرة في هذه الورشة، المقامة في متنزه بلدة معلوت في فترة عيد الفصح العبري، وشارك هذا العام الفنان الشفاعمري زاهد حرش والفنانة، ابنة ترشيحا سيسيل كاحلي بعمل مشترك يربط بين الماء والأرض الى جانب بعض الفنانين من سرائيل.
شكل اللقاء الذي استمر على مدار اسبوعين عملا يدويا شاقا بوسائط مختلفة منها الأزاميل والمناشير والطارق الكهربائية والرافعات وأدوات النقل الثقيلة منها والخفيفة، الى جانب ذلك أقيمت ندوات فكرية ومداخل تعارف على أعمال الفنانين المشاركين وقضايا الفن الحديث والعلاقة المتبادلة بين المتلقي والفنان، واشكالات الفنون امام تحديات العصر، تميز عمل الفنانين اليومي بزيارات وتبادل وجهات النظر مع الجمهور الواسع الذي أم المنتجع خلال أعياد الفصح وأثار فضوله من حيث طرح الأسئلة والنقاش خلال استراحة العمل المضني.
ان الحضور المميز للفنان النحات زاهد حرش ومشاركة الفنانة سيسيل كاحلي في عمل نحتي، على صخرة جليلية يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار، على منصة بارتفاع نصف المتر وعرض يبلغ المتر ونصف المتر اثار فضول المشاركين والقيمين على هذا المشروع، خاصة ذلك الدمج لناجح والمثير بين النتوءات النحتية وتجويفات الكتل والفراغات وزوايا الانكسارات وتناغم الكتلة مع المحيط البيئي، وكذلك ادخال عنصر لوحة الألمنيوم المسكوب على شكل مستطيل بعرض ۷۰، ۱۲۰ سم، كلها أضافت تکاملا جماليا ومحاكاة متبادلة بين المتلقي والمحيط البيئي المميز. ان الزخارف والتوريقات الاسلامية وغيرها من حروف عربية وعبرية مبعثرة على شكل جمل قد تبدو غير مفهومة، ساهمت هي بدورها بتعزيز وتقوية مراكز الفراغات ومبنى العمل في وقع هرموني مميز انها التجربة الأولى التي يمر بها الفنان زاهد في ورشة كهذه وبمقاييس من الاحجام الصخرية تبدو عملاقة بالقياس مع اعمال بيتية وفي صالات عرض صغيرة، تجربة لا تخلو حتما من المغامرة في المعرفة والتغلب على قساوة الصخر طوعا امام معوقات جسمانية، تحويل الصخر لحالات جمالية تبعث هالة وعظمة الخالق في مادته وسحر جماله في الشكل وفي قوة مبدعة. الاقي هذا العمل المتكامل شكلا ومضمونا اعجاب واستحسان الزائرين والكثير من الزملاء الفنانين، وكان واضحا أن العمل المنجز رشح لنيل الجائزة الأولى او الثانية، غير ان اللجنة المكونة من بعض النشيطين السياسيين المقررة في الموضوع حالت دون ذلك (والكلام المنشور بجانب المقال يوضح ذلك) ومهما يكن فقد تبقى لصخرة المنحوته تلك التي أبدعها زاهد وسيسيل غير ميتمة وتبقى نحفظ اسرار (۱۰۰) عام من الغربة كما ورد على لسان اورلندو بطل قصة جبرئيل غارسيا ماركيز.
« أنا صخر لجليل وابنه.. انا ارض وسماء وتراب هذا الوطن» أجاب الفنان زاهد حرش مجده وباصرار جوابا على انتقاد بعض المهاويس لوجود النص العربي في صخرته الصامدة الباقية أبدا في الجليل، الشامخة بين تلال ترشيحا والبقيعة وسائر الجليل. مهرجان النحت الدولي العاشر « حجر في الجليل» * معلوت ترشيحا، ما بين ۳/۲۰-1/4/۱۱ ۲ * ، شارك في المهرجان فنانون من دول مختلفة: ليابان (الجائزة لأولى)، بلغاريا، الهند، بولونيا (الجائزة الثالثة)، كرواتيا اسبانيا، ايطاليا، وفرنسا. ومن اسرائيل: دافيد مور – كيبوتس تمرات. أغور – تل أبيب، داليا منيري – الجليل (الجائزة الثانية دينا مرحاب – عين حوض- زاهد حرش شفاعمرو سيسيل كاحلي- ترشيحا. – فتحة الأمل» عمل زاهد حرش ومعاونة سيسيل كاحلي، تولدت الفكرة من ارتباط الجليل بالحضارة والتاريخ فوجدت ان شخصية السيد المسيح هي اكثر الشخصيات التاريخية ارتباطا بالجلیل فرمزت لذلك بموضوع السمكة (من وعظة المسيح في جموع كفرناحوم)، وترمز الفتحة في المنحوتة ) «طاقة الفرج» وفتحة الأمل وامتداد طول السمكة بطول ساحل الوطن الذي اسميه انا فلسطين ويسميه الأخرون ما شاءوا من الأسماء… هكذا ولدت حضارات الشرق فجمعت على شكل لوحة من الألمنيوم (۱۲۰۷۵) كاليغرافيا من لغات عدة.. السريانية.. والآرامية والرومانية والعربية والعبرية ومن اللغتين تجمعت كلمات بكتابة مائلة نحو اليسار لتكون الجملة التالية.. يا ارض فلسطين.. یا ارض الانبياء.. يا ارض السماء والدماء