مجرد وجود الفنان الفلسطيني، وتثبيت حضور الفن التشكيلي في ثقافة شعب عصي على الانقراض، هو شكل من أشكال المقاومة، وهو ما يفسر الاحتفاء غير العادي بالمعارض الفنية في فلسطين، فالفنانون عندنا هم جنود من نوع آخر، إنهم مختلفون بأدوات التعبير، ولكنهم موحدون في جبهة معركة المصير حتى لو ذهبت المدارس الفنية بهم كل مذهب، فمن خيال إبراهيم سابا وتمرده على النسق، إلى تعبيرية كامل المغني الرمزية، إلى حركية عصام بدر وتعدد أساليبه، إلى ثقة كمال بلاطة النوعية في تجريب مختلف أشكال التعبير والتغيير، إلى رزانة عبد عابدي، وإضفائه الروح على ألوان حيفا، إلى تنوع موضوعات تيسير شرف، إلى مواءمة فايز السرساوي بين الرسم والنحت، إلى مغامرة كامل المغني الجامعة بين التكوينات المتميزة والحرف العربي، إلى سوريالية جمال الأفغاني وابتكار خامات خاصة به، إلى جدارية فوزي العمراني وصبره على تصوير الجموع، إلى التزام عماد عبد الوهاب وعبد المعطي أبي زيد بلا مباشرة، إلى القلق الخلاق لدى تيسير البطنيجي، إلى حداثة إبراهيم المزين الذي يسوق باللون فن القطيعة والاتصال، إلى طاقة نبيل عناني التي لا يتسع لها أسلوب واحد، إلى تجريبية ناصر السومي المتفوقة، إلى خطوط عبد الرحمن المزين القوية مجدولة بالموروث الإسلامي.. شريط لا متناه من الحالات الإبداعية المتنوعة التي لا تعترف بحدود. وإذا كانت الحرية شرط وجود، فإن هؤلاء الفنانين إنما يحازبون الحرية، ويقاتلون في جبهتها حتى القطرة الأخيرة.
continue reading articleat source (AlQuds online)
المقال بتصرف عن جريدة الحياة الجديدة 7/2/2007