العربية➤اختيار لغة الموقع ﹡﹡عبد عابدي: الموقع الرسمي والارشيف الرقمي ﹡﹡

الحضارة تصان بالادوية

بقلم عبد عابدي

عندما يصاب الانسان بمرض ما تكون عادة نصيحة الطبّيب له تناول أقراص طبية أو حقن مثل البنسلين و‏ الانتننيوتيكا » التي يتوفر فيها مفعول مضاد قد يساعدا على القضاء على المسببات أو تمهل الجسم لفترة لاستعادة شفائه وهذا بااطبع ليس بالجديد أمَا كيف تصان اللوّحات الفنية وترات الانتسانية الخالد خلال مراحل التاريخ فهو بالجديد حقا.

يقال ان ما بني في قرون يهدم بدقائق وما عمر بالعرق والدموع لا يعاد الى الوضع الذى كان
عليه . هكذا خبر الانسان هذه النظرية فى صراعه الابدي مع مسببات الهدم ان كان ذلك بواسطة الطبيعة أو بواسطة ‘الأنسان نفسة .
غير ان للفرضيات .. نظريات خالقها آلا وهى الحاجة – حاجة الانسان الا يمهل والا يكف عن البحث الدائب من أجل الاجمل والافضل والاحسن وهذه ليست من الوجدانيات
ااتى تقال هنا وتقال هناك .

التاريخ كيف يصان #*

هذا السؤال طرح نفسه أكثر من مرة على مائدة التفكيرفي لندن باريس برلين وعواصم الغرب الأخرى للبحث عن الوسيلة والامكانات ليس في حفظ الترّاث المحلى للبلدان التى اكتشلفت فيها كنوز الحضارة بل عن وسائل النقل وامكانيات الترميم بالطبع مع المحافظة على امتياز ‏ وحق صاحب الفضل في الاكتشاف ومسح الغبار عن هياكل ومعابد مصر القديمة مثلا.

وهكذا كان . فقد شحنت المسلات (اوبليسسك) أو مسلة فرعون كما أسماها المصريبون القدماء الى و اشنطن وباريس ولندن وتحول هذا النصبٌ الذى كان يمثل رمزا للعبادة وتجسيما لاستمرارية الوجود البشرى عمود (( شرقى)) مَنتصّب لاغيره .

واذا كان السيّد الامريكى الفاضل الذي أعلن عن استعداده تعويض حكومة أثينا عن نقل هيكل الاكروبوليس الى امريكا يعد عملا دمقراطيا اذا ما قيس بمسالة بيع السلع مقابل المادة
وقد جرى فى الماضى نهب الكنوز و الآثار دون رحمة ‏ ودون تبادل تجارى وان حدث ذلك فمرآة من التنك آلمطلى مقابل مناجِم الذهب والفضة وأراضى لا تغيب عنها الشمس . الا ان الحضارة الحقة افاقت بعد سبّات عميق ورات ما أحل بها فبكت … ثم استيقظت وبعدها اشتدت يقظتها وبدأت تطالب بارجاع ما يمكن ارجاعه . وهناك الكثير من القضايا المرفوعة االى المحاكم الدولية بشان حقوق الكثير من الدول التى تطالب بارجاع بعض كنوزها الاثرية اللتى سرقت من متاحفها الوطنية
كما هى الحال مع هنغاريا التى تطالب الولايات المتحدة بارجاع تاج الملك‏ ستيفان الذى سرق من كنيسة فى ‎مديتة (( بودا )) المتحدة مع ‏(( بيست)) وكذلك تم الاتفاق بين الكثير من الدول الخاسرة والرابحة في الحرب على تبادل التحف واللوحات الثمينة التى نقلت‏ وسرقت من متحف لآخر وارجاعها
وقدا امكن بالمساعدة السوفييتية لالمانيًا الدمقراطية البحث عن اللوحات التي اتلفها «‏اصحاب
الحضارة »… النازيون؛ التى أخفوها فى القنوات والعثور عليها واعادة بنائها او ترميمها
وكانت مسألة الترميم وارجاع اللوحة الئ وضعها السابق من المستحيلات فقد عمبل الخبراء
بواسطة الاشعة والحقن وفحص المادة التى استعملوها في السابق واستغرق ذلك سنوات وهكذا أمكن حفظ التاريخ مرة ثانية وتم كذلك ارجاع اللوحات المفقودة الى المتاحف المرممة كمتحف «‏‎سفينجر » فى درسدن ومتحف ‎«‏ برغمون » فى برلين الدمقراطية الذى أعاد للزوار الآتين
من البلدان التى نهبت ثرواتها الحضارية في رؤية ‏ حضارة بلادهم على الشكل اللائق والداعي الى
الاعتزاز

مسالة الترميييم وحقن اللوحات بالحقن*
ان ما يجرى الان وما جرى فى الماضى غير البعيد هو البحث عن الوسائل الملائمة والمستحدثة للابقاء والمحافظة على التراث الحضارى ليس من عبث « الباحثين » بل انه من فعل الطبيعة والاجواء غير العادية مثل تلوث الجو والرطوبة وغير ذلك
‎‏ هذه الامور تكون موضوعا للتفكير والبحث عن سبل ووسائل للتغلب على معضلات آلقرن وايجاد الحلول لها
لقد تغلب العلماء على الصعوبة في نقل معابد ‏ أبو ستبل» فى مصر العليا وأبعد ذلك خطر فيضان النيل وتاثير الرطوية عليها ( هذا المعبد الذي بناه رمسيس الثانى فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد ) والى الان لا يزال برج « بيزا » مائلا وينتظز الحلول . وهناك كنزالحضارة العائم فى البندقية يهدده التلف نتيجة الرطوبة الدائمة وارتفاع المياة بتسبة ملحوظة فاللوحات الجدارية لرسامي عصر التهضة قد تتلف ان لم توجد وسيلة ملائمة للمحافظة عليها . وتكون لوحة ليوناردو دافينشى « العشاء الاخير » موضوع بحث متواصل لابعاد الميكروبات ووضع وسائل عازلة لمفعول الرطوية. وقد صرح البروفسور سيرجيو كورى مدير مركز الابحاث العلمى فى جامعة ميلانو بقوله : (« يجب البحث فى وضع حد لنشوء الميكروب وبعد ذلك فقط يمكن ادخال عنصر الانتي… بيوتيكيا للعمل )
ان لوحة دافينشى ‎ العثشاء الاخير » ( القرن الخامس عشر ) والموجودة فى قصر ‎‏ دودجه » في
مدينة البندقية رسمت على حائط من المرمر وهذا يتحول بدوره الى جبس وقد يتمكن
الباحثون من عزل الميكروب بالبنسلين المضاد

# حضارة البلدوزر #
عانى العرب بنوع خاص مِنذ القرون الوسطى وحتى التاريخ غير اليعيد هجمات شرسة لم يقم بها ‏ عشاق الحضارة » بل غزاة همهم التدمير والحرق الحضارى ما زلنا نعانى من ذلك حتى اليوم
وان كان علماء اليوم جادين فى الوصول الى طرق «« لوقاية التاريخ » ولوفي بيوت من زجاج فاننا نقف مشدوهين ليس أمام عملية نهب التاريخ, ٍ بل … طمس التاريخ و سهمدة »’ المرتفعات من قبل الدوائر الحضارية جدا في بلادنا وحفر الاسس الحضارية فوق قبة الصخرة ..وتحتها بحثا عن عصور عابره بشكل بلدوزر متحضرفي نبش الماضي ومحو آثار المستقبل حتى لا تبقى خربة واحدة صامدة وان صمدت … فلتتحول الى آثار عظيمة اذا ما أضيف اليها عنوان … هنا مات فلان الفلاني … عاشت الحضارة !

بقلم عبد عابدي

الإتحاد⁩⁩ 28 كانون الثاني1977

Let your voice be heard! Share your thoughts and ignite the conversation. Your comments matter!

المشاركات الاخيرة

لا يوجد هناك مكان: معرض في متحف الفن الحديث في فرانكفورت
مارس 25, 2024By
دعوة: أصوات من مشروع المقابلات “الفن في الشبكات” يوم 21 مارس في الألبرتينوم
مارس 18, 2024By
أصداء البلدان الشقيقة / بيت الثقافات العالمية في برلين
فبراير 10, 2024By
“على هذه الأرض” يجمع الفنانين العرب حول فلسطين
نوفمبر 27, 2023By
البرتينوم: رومانسيات ثورية؟ تاريخ الفن العالمي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية
أكتوبر 31, 2023By
ترميم جدارية عبد عابدي في حيفا
أغسطس 10, 2023By
مجموعة تشوكاكو: رحلة ألوان
أغسطس 6, 2023By
بلد من كلام الحلقة السادسة: عبد عابدي
يوليو 10, 2023By
أوقفوا الفاشية … عن فنان الداخل الفلسطيني عبد عابدي
يناير 31, 2023By
انطلاق متجر المطبوعات الافتراضي
ديسمبر 8, 2022By

الأعمال الأخيرة

GDPR

اكتشاف المزيد من عبد عابدي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading